הלוא הוא אביכ קנכ הוא עשכ ויכוננכזכרו יומת עולמ בינו שנת דר ודורשאל אביכ ויגידכ זקניכ ויאמרו לכבהנחיל עליון גוימ בהפרידו בני אדםיצב גבולת עמים למספר בני ישראל
اليس هو أباك ومقتنيك ، هو عملك وكونك؟ اذكر الأيام للأبد ، وتأملوا سني دور فدور إسأل أباك فيعلمك، وشيوخك فيخبروك ، حين قسم العلي للأمم ، حين فرق بني آدم نصب تخوما للشعوب ، حسب عدد بني اسرائيل . (تثنية 32: 6-8).
حث موسى الرسول الشعب الاسرائيلي هنا فرداً فرداً مخاطباً ومتسائلاً: الله خالق السماوات والأرض، هو من من صنعك وكونك وهو من خلق آبائك وأجدادك، إسألهم يخبروك ، ولولاه لما وجدت على هذه الأرض. الا يحق له أن يعاتبك ؟
لقد منحك الله صفات ليس لها مثيل بين شعوب الأرض ، كشعبه الله المختار ، وإبنه اسرائيل البكر، أتى بك الى الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً ، بعد ان أنقذك من عبودية فراعنة مصر وعبيدهم ، حملك في صحراء سيناء ، وصانك كما يصون النسر عشه ويحميه ، عليك ان تتذكر وتتأمل الأجيال الماضية ، حتى تعرف وتعلم فضل الله عليك .
لا يحق لأي شعب في الوجود أن يطلق على نفسه شعباً بدون ماضٍ ، ماضي الشعوب هو من يعزز وجودها في هذا الكون ويثبت خطاها ، يحق لها أن تفتخر به وتعتز ، واذا لم تذكروا ماضيكم وتتأملو اجيالكم وما فعل الله لأجلكم ، حقاً ستزوغون عن الطريق القويم الذي رسمه الله لكم مستقبلاً عن طريق شريعته المقدسة .
هذا ما أراد موسى الرسول اعلامنا من خلال انشودته الوداعية هذه، بصفته أمين بيت الله ، ونبي الله يعلم بالغيب ، هو يعرف ويعلم ما سيؤول اليه هذا الشعب ، على الرغم ما فعله الله لأجلهم من آيات ومعاجيز وعجائب من اجل تحريرهم من عبودية فرعون مصر ، ومع ذلك كفروا وصرخوا وزاغوا وضربوا بعرض الحائط من قيم وأخلاق ، على الرغم ما رأوه بأُم أعينهم وما شاهدوه ، فكيف ستصبح الأمور عندما يغيب الله عنهم ورسوله ؟ !!
من أجل هذا ذكرك كليم الله من خلال انشودة الوداع هذه، بنفسك وبآبائك وأجدادك والأجيال الماضية السحيقة في القدم ، وحتى السنين القادمة الى الأبد، مثل هذه الأجيال هي حقيقة وجودك، وهي من تخبرك كيف وصلت الى ما انت عليه الآن ، اذا لم تتعظ من ماضيك هذا ، وما فعله الله ورسوله لأجلك ، ستدفع الثمن غالياً .
أراد موسى الرسول أن يخبرنا ويعلمنا ان العالم بأسره مبني على قاعدة، مهما تغير الزمن وتوالت الأجيال ، هذه القاعدة ستبقى مضطردة ، أن العالم منذ الخامس عشر من تسلسل آدم عليه السلام في فترة بنائهم لبرج بابل في العراق وفي عهد “فالج” بالذات وحتى الآن ، مقسم الى إثني عشر أُمة ومكاناً ، حسب اسباط بني اسرائيل.
هكذا كان العالم في الماضي السحيق في القدم ، منذ الخليقة وحتى طوفان نوح ، حيث جاء في الشريعة المقدسة قولها: ” ورأى الله أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وان كل تصور أفكارِ قلبه إنما هو شرير كل يوم” (تكوين 6: 5)
وما جرى أيضا في عهد لوط ، إذ صعد صراخ سدوم وعمورة الى السماء ، وخطيتهم قد عظمت جداً ، وما ان اشرقت الشمس على الأرض ، فأمطر الله عليهم كبريتاً وناراً من عند الله من السماء، وقلب تلك المدن ، وكل الدائرة ، إذ حرق جميع سكان المدن ونبات الأرض.
وبما أن الانسان سيء الظن منذ صغره، هذا ما قاله الله في كتابه العزيز في شريعته المقدسة ، وهذا ما تنبأ الرسول لشعبه والعالم أجمع وقام بتوجيه انشودة وداعه هذه الى شعبه الاسرائيلي والعالم أجمع ، لعل وعسى أن يتعظوا ويسيرون بحسب شرائعهم المقدسة .