قصة يوسف الصديق عليه السلام، التي دونها سفر التكوين في الشريعة المقدسة شرحاً وافياً ومسهباً، هي من اجمل القصص المؤثرة ، تخللها مواعظ وعبر كثيرة استفادت البشرية من سردها، خاصة عناية رب العالمين بأن جعل ملاك الله “يط ” يباركه، ويحافظ عليه، ويلازمه في جميع تحركاته، للحفاظ عليه وحمايته، لطهارته وعفة نفسه وأمانته وحسن خلقه. من أجل هذا سخر المولى، فالخطأ الذي ارتكبه ساقي فرعون مصر ورئيس الخبازين لمصلحته، حيث جاء في الشريعة المقدسة قولها:
ויהי אחר הדברים האלה: חטאו משקה מלך מצרים והאפה לאדניהם למלך מצרים: “وحدث بعد هذه الإمور أن ساقي ملك مصر والخباز، أذنبا الى سيدهما ملك مصر”.
الآيات اعلاه مركبة من مقطعين، الأول مركب من 17 حرفاً، وجمطرته “جيد” טוב = 17 والآية التالية مركبة من 37 حرفاً وبجمع الرقمين = 10 من المعروف ان رقم عشرة كما اشرنا له سابقاً، اعتماد قدسية الشريعة المقدسة على الوصايا العشر.
إن دل هذا على شيء فانما يدل على ان كل حرف وكلمة وآية بالتوراة، لا ترتكز فقط على المعلومة او التفسير او الحكمة والروحانية، بل ايضا على جمطرة كل منهما منفردين او حتى مجتمعين على حساب جملها. وهذا يعني ان الله سخر احاكة مؤامرة هؤلاء الخصيين لفرعون، من اجل خدمة النبي يوسف الصديق.
وعوداً على بدء، شعر ملك مصر والمقربين له، أن هناك مؤامرة تحاك ضد الملك (فرعون مصر) لقتله بالسم، وبما أن الشكوك حامت حول رئيس السقاة ورئيس الخبازين، من أجل هذا أودعهما بالسجن، حتى يعرف ويعلم بالحقيقة بعد التحقيق معهم، واودعهما بالسجن في حبس بيت رئيس الشرط، المكان الذي كان يوسف محبوساً فيه. وأما مصير من يخطى أمام فرعون مصر الاعدام، ليكون عبرة للآخرين، هذا كما فعل في رئيس الخبازين حيث قطع السياف رأسه، بعد ان ثبتت التهمة عليه.
ויקצף פרעה על שני סריסיו: על שר המשקים : ועל שר האפים:
“فسخط فرعون على خصيه رئيس السقاة ورئيس الخبازين”.
لربما يتادر للأذهان أن جمطرة الآيات اعلاه جاء بالصدفة فقط، اقول هنا: أننا نستطيع ان نربط كل حرف وكل كلمة وآية بالشريعة المقدسة على نفس المنوال الجمطري، لكي نبرهن على عظمة التوراة وقدسيتها ونزولها السماوي.
وبالتركيز على الآيات الثلاث اعلاه نجد أن: الآية الأولى خمس كلمات مركبة 20 حرفاً، مجموع الوصايا العشر والعشرة اميروت. والآية الثانية: ثلاث كلمات مركبة من 10 أحرف، وكذلك الآية الثالثة ثلاث كلمات مركبة من عشرة احرف أيضاً.
مجموع الآيات الثلاث = 40 حرفاً، ما المقصود هنا بهذا العدد، أن الله أرسل يوسف الصديق الى مصر من اجل ان يمهد لتكاثر الشعب الاسرائيلي هناك في مصر، ليتحرروا من عبودية فرعون مصر وهم شعب يتجاوز عدده الملوني نسمة، يتوهون في شبه صحراء سيناء اربعين سنة، متحررين من العبودية الفرعونية، ليصلوا الى الأراضي المقدس شعب متحرر.
فاذا كان سجن يوسف بسبب الفُتنة التي اثارها في قلب زوجة رئيس الشرط “فوطيفار” ومن اجلها دخل السجن زوراً وبُهتاناً، وما هي الا برهة زمنية حتى جاء سخط فرعون مصر على اثنين من وزرائه، رئيس السقاة ورئيس الخبازين، بسبب المؤامرة التي كانت تحاك ضد فرعون مصر من قبلهما. ومثل هذا السخط اذا نزل على انسان في مصر من قبل فرعونها، وكأن مثل هذا السخط ينزل من السماء.
ויתן אתם במשמר בית שר הטבחים : אל בית הסהר:
“فوضعهما في حبس بيت الشرط، في بيت السجن”.
وباختصار شديد، كلمات الآية اعلاه 9 كلمات، ومن المعرف في الحساب الفلكي رقم 9 يسقط، مركبة من 32 حرفاً عدد الاسنان داخل فم الانسان، مسجونين داخل الفم، وكل سن مرتبط بأحد العظام الرئيسية في جسم الانسان، مثلهم كمثل المساجين داخل السجن.
السجن في مصر هو عبارة عن حصن او قلعة من أجل وضع المعتقلين والمجرمين فيه. من الطبيعي ان الله هيأ له مثل هذه الظروف، حتى يحظى يوسف باهتمام رئيس حبس الشرط، ووزراء فرعون مصر التي سخط عليهم رئيس السقاة ورئيس الخبازين، لأن الله هو من يمهد الآمور امام رجاله الصالحين والأتقياء.
מקום אשר יוסף אסור שם ” المكان الذي كان يوسف محبوساُ فيه”.
لقد استبشر يوسف من وجود مثل هؤلاء في سجنه، بما انهم من الطبقة العليا والراقية، وهم من خصي الملك فرعون مصر، لا بد ان يكون لهما شيئاً من الاهتمام والرعاية الخاصة، عندها يذكرونه هناك فيكون سبباً للخروج من هذا المأزق الذي وضع فيه ظلماً وبهتاناً، لهذا أخذ يهتم بهم اهتماماً كبيراً.
ויפקד שר הטבחים את יוסף אתם: וישרת אתם:
“فأقام رئيس الشرط يوسف عندهم: فخدمهما”.
من طبيعة السجون أن لا تكون هناك خدمة خاصة للمساجين، والا، لا يعتبرونه سجناً، لكن الأمر اختلف هنا بوجود يوسف الصديق عليسه السلام فيه، وهذا ما حدث هنا، طالما ان هناك خدمة من قبل يوسف لهما، اذا لا نستطيع أن نحسبهم مسجونين بمعنى الكلمة، ونستطيع أن نقول انهم سجن بيتي كالإقامة الجبرية.
وأخيراً وليس آخراً، اعلموا ان الآيات الأُخر ضمن هذا البحث اعلاه، هناك لكل آية منهما جمطرتها، لكنني فضلت الاختصار فقط.
