عيد الغفران
“اليوم الكبير”
تبدأ السنة العبرية السامرية في الاول من الشهر السابع حسب التقويم العبري السامري، ،حيث تعرف أول عشرة أيام في السنة بأيام المناجاة “التوبة” حيث يشعر السامري مع بدايتها بالخشوع والندم على ما ارتكب من الذنوب والاخطاء خلال السنة الماضية, لتنتهي هذه الفترة باليوم العاشر “يوم الغفران” الذي يعتبر أقدس أيام السنة العبرية .
في كل يومٍ من أيام المناجاة ، يتوجه السامريون ضمن طهارة القلب والبدن لله تعالى بالصلوات عند ساعات الفجر و المساء في الكنيس السامري بالركوع والسجود ، طالبين أن يفرج الله عن معاصيهم سواء أكانت كبيرة او صغيرة ، مدة كل صلاة منها الساعة والنصف، حيث يطلق جميع المصلين حناجرهم بصوت عالٍ وجهور ، بالتهليل ، التكبير والاستغاثة لرب العالمين “الهنا فرج كربنا الذي نحن فيه الآن.. ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.. واشفنا بعظمة قدرتك.. بجاه موسى عبدك وكليمك”.
يوم الغفران هو يوم كفارة محفلاً مقدساً لتذليل النفس بالإمتناع عن الطعام والشراب يوماً كاملاً من المغرب وحتى مغرب اليوم التالي، من قبل جميع افراد الطائفة السامرية دون استثناء ما عدا الرُضع منهم. يتفرغ به الانسان السامري للعبادة والتضرع والتوسل الى رب العالمين من أجل ان يغفر له الله ذنوبه التي ارتكبها خلال العام.
حيث جاء في الشريعة المقدسة :
” وَكَلَّمَ اَللَّهُ مُوسَى قَائِلاً : أَمَّا العَاشِرُ مِنْ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلسَّابِعِ فَهُوَ يَوْمُ اَلْكَفَّارَةِ. مَحْفَلاً مُقَدَّسًا يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ وَتُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلَّهِ . عَمَلاً مَا لَا تَعْمَلُوا فِي هَذَا اَلْيَوْمِ عَيْنِه،ِ لِأَنَّهُ يَوْمُ كَفَّارَةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ أَمَامَ اَللَّهِ إِلَهِكُمْ . إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ لَا تَتَذَلَّلُ فِي هَذَا اَلْيَوْمِ عَيْنِهِ تُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهَا . وَكُلَّ نَفْسٍ تَعْمَلُ عَمَلاً مَا فِي هَذَا اَلْيَوْمِ عَيْنِهِ أُبِيدُ تِلْكَ اَلنَّفْسَ مِنْ شَعْبِهَا . عَمَلاً مَا لَا تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ . (لاويين 23 :31 -27).
الحقيقة انه خلال 364 يوماً من أيام السنة، يشعر الإنسان برغد الحياة ونشوتها من حيث الطعام والشراب وشهوات الحياة، فماذا يمنع شيب السامريين وشبابها نسائها وأطفالها الالتزام على الأقل بالصوم يوما واحدا فرضه الله عليهم؟ للشعور مع المحرومين من الطعام والشراب في هذا العالم لضيق حالاتهم الاجتماعية؟
الحياة هي الدين بحد ذاته، والالتزام بالقوانين والفرائض والوصايا التي فرضها المولى في كتبه السماوية، وكذلك العادات والتقاليد، والسواسية والعلم والثقافة والتقدم والحياة الأفضل.
يستقبل الانسان السامري هذا اليوم العظيم بالإيمان والروحانية وعبادة الله، بصفاء قلبٍ ونفس مطمئنة وضمير حي وحسن النية، ضارعين الى المولى عز وجل ان يقبل صلواتهم ويغفر لهم ذنوبهم وآثامهم ويسدد خطاهم، حيث يقضي السامري 26 ساعة متتالية فيصل الليل بالنهار لتأدية الصلاة دون انقطاع ،فالصوم يوماً واحداً أمراً سهلا ، لكن مواصلة الصلاة كما هي في هذا اليوم ليس سهلاً، وتشكل عذاباً للنفس للرجل السامري البالغ.
الحقيقة أن السامريين يشعرون بإمتناعهم عن ملذات الحياة، الخطوة الأولى لاشباع الروح بالبركات، وكذلك بالراحة والاطمئنان بالنسبة لأولادهم من خلال هذا اليوم.
فاذا ما عرضت على الأطفال السامريين الطعام والشراب خلال الصوم، يجيبون بصوت واحد لا ولن نفعل هذا، الا اذا اضاء آباؤنا النور في المنزل، وهذا يعني انتهاء يوم الصوم.
على الرغم من صعوبة هذا اليوم ، وإحساس الأطفال بالجوع والعطش إلا أنهم دون أن يحثهم الكبار على الإلتزام بالصيام و يحاولون تخفيف ذلك عن أنفسهم بالصمود تارة وبإلقائها على الأرض تارة اخرى، هذا بجهد آبائهم لجعل هذا اليوم يوما عاديا لا صعوبة فيه ، فلا يتهاون الأباء والأمهات والعائلة لحظة واحدة في تقديم التشجيع التام لأبنائهم ، فيقدمون لهم الهدايا ، الألعاب ، و الحلويات بحيث تتفنن كل عائلة بترتيب هديتها لأبنائها ، وأبناء الأقارب ، لتخفيف وطئة صوم يوم كامل على أطفال الطائفة.
وبالتالي فإن الاطفال تسكنهم السكينة والأطمئنان فبعد الصيام وقبله تنتظرهم الحلويات اللذيذة ، عدا عن أنهم سيكسبون أجراً عظيما في اتمام هذه الفريضة .
يكرم الله شعب بني اسرائيل بعد التزامهم فريضة الصوم بالجنة داخل منازلهم خلال أيام العرش السامري. حيث يحتفل السامريون بعيد العرش، الذي يعتبر ثاني أكبر الأعياد السامرية السبع بعد عيد الفسح، في الخامس عشر من الشهر السابع حسب التقويم العبري السامري.