المصدر الأول للمعرفة البشرية
التوراة كلمة عبرانية تعني الشريعة او الناموس، وهي المصدر الأول للمعرفة عند البشرية، لتدرك من خلالها وتعي، تفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد، او الطريق لاكتساب المعلومات في تفسير النتائج، لتعطي نماذج مفيدة لتفسير معطيات عن الأرض والسماء، عن البشرية والحيوانات، عن الوصايا والأحكام، عن المحللات والمحرمات، والكثير الكثير من المعلومات.
فالمعرفة سواء أكانت دينية او علمية، هي ما يكتسبه الانسان من خبرات ومهارات مختلفة، إنها مشروع دائم لجمع وابتكار محتوى جديد، فهي تشكّل موسوعة دقيقة، متكاملة، متنوعة ومفتوحة، من أجل هذا جاء بحثنا “التوراة منبع المعرفة”. בראשית ברא אלהים,, את השמימ ואת הארצ. והארצ היתה תהו ובהו; וחשכ על פני תהום; ורוח אלהים מרחפת על פני המים; “في البدء خلق الله السماوات والأرض، وكانت الأرض خالية وخاوية، وعلى وجه الغمر ظلمة، وروح الله ترفرف على وجه الغمر”.
هذه الآيات الأربع قصت على البشرية جمعاء حكاية نشأة الكون بأكمله، فكل حرف منها وكل كلمة وكل آية، على الرغم من بساطتها في القراءة والمعنى والفهم، الا أنها تحوي في طياتها اسرار والغاز ومعانٍ لا يمكن حصرها ابداً، ولربما هي الأصعب والأعظم، بحيث تتفوق على كل أسفار الشريعة المقدسة، وتكمن عظمتها في أنها تحدثت عن الخلق من العدم، وعلى الانسان أن يحلل هذه الآيات حتى يصل الى معرفة الكثير عن الكون قبل أن يبعثه الله، وكيفية بعثه ايضاً.
لقد وصفت هذه الآيات، الأولى منها: الفضاء وصفاً زمنياً قبل أن خلق الله السماوات والأرض، ثم وصفت الآية الثانية: حالة الأرض بأنها كانت خالية وخاوية، وأما الآية الثالثة: وصفت كيف مزجت الظلمة الحالة الزمنية للأرض مع الحالة الكيفية لها، وجاءت الآية الرابعة: الا وهي بيت القصيد، تتحدث عن الخالق –سبحانه وتعالى- الذي بعث هذا الكون منذ ملايين السنين إن لم اقل ملياراتها، وكانت روح الله ترفرف على مياه الغمر، لتظهر هذه الآيات كيفية تكوّن البنية التحتية للخليقة، التي بدأت في ستة أيام.
لقد افادتنا الشريعة المقدسة أن الله هو الخالق، ازلي وأبدي، خلق الانسان على صورته وشبهه، بهذا فضلنا وأعطانا مكانة أسمى من الحيوانات، وأما أن نقول إن لكل ديانة قديمة قصة تفسر بها كيف نشأ العالم، ولكل عالم رايه عن أصل الكون، فهذا غير وارد لما جاء في الشريعة المقدسة السامرية.
ابتدأت التوراة بالآيات: “في البدء … على وجه الغمر”، أوضحت لنا أن الله خلق الكون منذ ملايين او مليارات السنين، وحدد مخلوقاته في السماء والأرض، والماء والظلمة، وروح الله ترفرف على وجه الغمر، هذا هو الكون. لكن كان أول يوم بالخليقة: النور، وفي اليوم الثاني: الجلد والسماء، وفي اليوم الثالث: البحر واليابسة، وفي اليوم الرابع: الشمس والقمر والنجوم، وفي اليوم الخامس: الطيور والاسماك، وفي اليوم السادس: الحيوانات.. آدم وحواء، وأما في اليوم السابع استراح الله من عمله. ورغم أن الله أوجد الكون قبل مليارات السنين، لكن مثل هذا الكون لا يمكن للإنسان او الحيوان او النبات أن يعيش فيه، لعدم وجود عوامل الطبيعة التي تساعد الكائنات الحية والنباتات للعيش كعملية الكلوروفيل وما شابه.
لقد حدد الله الخليقة في التوراة “خمسة أسفار موسى” قبل 6456 سنة، وكانت مدة كل يوم من أيام الخلق 24 ساعة فقط، وليس كما يدّعي البعض بأن كل يوم يمثل حقبة طويلة وغير محدودة من الزمن، فهذا غير وارد بالنسبة للشريعة المقدسة “خمسة أسفار موسى”، حيث جاء في الشريعة عن كل يوم: “وكان مساءٌ وكان صباحاُ يوماً واحداً”.
وعند مقارنة هذه الوقائع الدينية التي أنزلها الله في كتبه السماوية، نجدها أكثر ثباتاً من الحقائق العلمية والمكتشفات الأثرية، التي تتغير وتتبدل باستمرار، وقد يعتريها التزييف والتأويل البعيد عن جوهر الحقيقة التي أنزلها الله.