تسلسل الخليقة 3
“نوح عليه السلام”
نوح بن ليمك ولد في الرابع عشر من شهر نيسان، سنة 707 للخليقة، العاشر من آدم عليه السلام، و الأب الثاني للبشرية، وأثناء ميلاده ظهرت علامة في سماء منطقة شنعار بالعراق،فاجتمع جميع سكان المنطقة متوجهين الى آدم عليه السلام ليخبروه بهذا الحدث العظيم،إلا أن آدم عليه السلام كان يملك الحكمة وسعة الاطلاع والروحانية طمأنهم بظهور هذا الكوكب في السماء ،ثم اطلق عليه آدم عليه السلام اسم نوح ، لأنه كان على علم بأن المولى سبحانه وتعالى سيضع حداً لطغيان البشرية وفسادها، وأن هذا المولود سينقذ البشرية جمعاء من بعده. لهذا جاء في الشريعة المقدسة قولها على لسان نوح: “وهذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا من قبل الأرض التي لعنها الله ” (تكوين 5: 29)
يتساءل البعض : هل عاصر آدم عليه السلام نوح حتى يطلق عليه هذا الاسم؟ الحقيقة أن عمر آدم وقت ميلاد نوح 707 سنة، وبما انه عاش 930 عاماً، فهذا يعني أن آدم عاصرفي حياته نوح مدة 223 سنة.
احتل نوح الصديق المرتبة العاشرة من سلالة الأزكياء والصديقين بعد : آدم – شت – إنوش – قينان – مهلليل – يارد – متوشالح – ليمك – نوح.
كلمة نوح بالعبرية تعني التسلية والراحة ، وهذا الاسم مركب من حرفين، حرف:
ن، النون = والذي يرمز الى نسمة الحياة (نشمة حييم) .
ح، الحاء = الذي يرمز الى حياة الانسان بحد ذاتها.
مصدر الاسم العبري (نخ – ينخمنو) وهذا يعني ان هذا الانسان الصالح سيسلينا بعد فناء البشرية بسبب الطوفان في المستقبل.جاء في الشريعة قولها :
“كان نوحاً رجلاً باراً كاملاً في أجياله وسار نوحٌ مع الله” (تكوين 9 :6)
هذا الانسان الذي وصفته التوراة “خمسة اسفار موسى” بأنه صادقاً وكاملاً في جميع أجياله، سائراً مع الله، لولاه لاندثرت البشرية جمعاء عن وجه الارض حيث بعد أن امتلأ ت الأرض ظلماً وفساداً، رأى الله ان شر الانسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه انما هو شرير كل يوم، اراد الله أن يضع نهاية لأبناء البشرية. بمحو الانسان الذي خلقه من وجه الأرض، حيث جاء في الشريعة المقدسة قولها:
“امحو عن وجه الأرض الانسان الذي خلقته، الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء ، لأني حزنت أني عملتهم وأما نوح فوجد نعمة في عيني الله “. (تكوين 6: 8-7) .
ولم يجد رب العالمين في البشرية جمعاء الا رجلاً واحداً نعمةً ، عادلاً وكاملاً في أجياله، سالكاً في طاعة مولاه، انه الصديق نوح عليه السلام. هو الوحيد القريب من مولاه وزوجته وأولاده ونساء بنيه ، والذي سينقذهم من يد هؤلاء الطغاة، حيث اخبره الله بأنه سيرسل طوفاناً مائياً ليقضي به على البشرية جمعاء. وأمره ببناء فلك الذي عرف فيما بعد بسفينة نوح.
فقال الله لنوح في شريعته المقدسة : ” نهاية كل البشر قد اتت أمامي، إن الأرض امتلأت ظلماً منهم، فها انا مهلكهم مع الأرض. فاصنع لنفسك فلكاً من خشب جفر “. (تكوين 6: 14-13)
فأدرك نوح عليه السلام بأن الحياة لن تستمر هكذا، قتل وزنى وزندقة، نهب وسلب في بلاد ما بين الرافدين، حيث كانت هذه المنطقة مكاناً للتجمع السكاني فقط لجميع البشرية. لذلك شرع في بناء سفينة نوح ، وبعد ان استمر في بناءها مدة مائة عام حسب ما اورده كتاب الاساطير السامري، وبعد أن اخذ معه افراد عائلته البالغ عددهم ثمانية افراد، أدخلهم الى الفلك وأخذ معه زوجين من انواع الحيوانات المفترسة، وسبعة ازواج من الحيوانات الاليفة وادخلهم معه الى السفينة من اجل الحفاظ على استمرارية الحياة.
من هنا أرسل الله الطوفان في سنة 1307 للخليقة (عمر نوح 600 سنة)، كحكماً الهياً على البشرية جمعاء لفسادها، ولم يبقى صالحاً في ذلك الزمان الا نوحاً الصادق الصالح، حيث انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء، حتى غمر الماء الكون باكمله، وغطت المياه جميع الجبال وحتى الشامخة منها.
حيث جاء في الشريعة قولها : “فها انا آتٍ بطوفان الماء على الأرض لأهلك جسد كل روح حياة من تحت السماء، كل ما في الأرض يموت، ولكن أقيم عهدي معك، فتدخل الفلك انت وبنوك وإمراتك ونساء بنيك معك ” .( تكوين 6: 18-17)
ولما بلغ نوح من العمر 601 ، وعلى اثر انتهاء الطوفان مباشرة أقام مذبحاً كشكر وعرفان لله على انقاذه وعائلته من مياه الطوفان. حينئذ قطع الله عهدا مع هذا الانسان الصالح الذي كان صادقا وورعا، لقد كان هذا العهد بظهور قوس قزح بين السحاب في السماء بالوانه الزاهية السبع: الأحمر والبرتقالي والأصفر والاخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. هذه الظاهرة التي تعرف بـ “قوس قزح” لقد جاء هذا العهد لطمأنة البشرية جمعاء، بان لا يكون هناك طوفاناً آخر على الأرض. عهد قطعه الله بينه وبين نوح ونسله من بعده.
قضى نوح بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسون سنة، في التقوى والنسك والايمان ، داعيا الناس الى عبادة المولى عز وجل.
يعتقد البعض أن قبر سيدنا نوح عليه السلام موجود في قرية الطيبة ، احدى قرى القدس، وان طول هذا القبر يبلغ 35 متراً !!
في الحقيقة لا يعقل تصديق مثل هذا الكلام ، لأن نوح لم يطأ هذه الأراضي المقدسة اطلاقاً، حتى يدفن فيها.
إن سفينة نوح التي بناها هذا الانسان بأمر من مولاه قائلاً له: “اصنع لنفسك فلكاً من خشب جفر ، تجعل الفلك مساكن وتطليه من الداخل ومن الخارج بالقار ، هكذا تصنعه، ثلاث مئة ذراع يكون طول الفلك، وخمسين ذاعا عرضه ،وثلاثقين ذراعا ارتفاعه وتصنع كوّاً للفلك ، وتكمله إلى حد ذراع من فوق . وتضع باب الفلك في جانبه . مساكن سفلية ومتوسط وعلوية تجعله ” .(تكوين 6: 16-14)
فاذا كان الطابق بالسفينة لا يزيد ارتفاعه عن ثمانية أذرع، فكيف يجزمون بأن طول قبر هذه الانسان 35 متراً ، اي ما يعادل 56 ذراعاً ، بينما لا يتجاوز ارتفاع الطابق الواحد في سفينة نوح ثمانة اذرع فقط ؟!
وعند انتهاء الطوفان وخروج نوح ومن معه من السفينة بنى مذبحه . لم تذكر الشريعة المقدسة ان المذبح بُني على قمة جبل جرزيم، بل جاء في الشريعة المقدسة قولها: “وبنى نوح مذبحاً لله، وأخذ من كل البهائم الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الله رائحة الرضا” ( تكوين 8: 20)
لقد تم بناء المذبح تواً بعد خروجه من السفينة مباشرة في السابع عشر من الشهر السابع على جبال ارراط التي تقع شرقي تركيا. ولا يجوز لنا الادعاء بأن هذا المذبح بُني على قمة جبل جرزيم لأسباب عدة منها:
انه لا ولن ينتظر نوح أن يسير من جبال ارراط الى ان يصل جبل جرزيم مشياً على الأقدام مع جميع الحيوانات المختلفة التي رافقته ، حتى يبني مذبحه في جبل جرزيم ليقدم قرابينه كشكراً لله ، ومن الجدير بالذكر ان هناك مذابح عدة بنيت خارج جبل جرزيم ذكرتها الشريعة المقدسة.
عاش نوح عليه السلام كأكبر معمر في الوجود ( 950 سنة ) و بعده سيدنا آدم (930 سنة ) والهدف من ذلك ليكون التكاثر السكاني، آدم حتى يتأقلم ونسله في حياتهم الجديدة في الأرض ، اما سيدنا نوح للتكاثر من جديد بعد زوال الجنس البشري عن الارض بفعل الطوفان فلم يبقى الا نوح وعائلته، حيث حياة آدم كانت أكثر بدائية وبطيئة في التطور ، لكن بداية نوح واولاده كان فيها من التقدم والتطور ، لذلك يجب ان يكون هنالك مجهود اكبر واكثر واعظم مما سبقه. ونلاحظ ان النسل اخذ من بعدهم في التناقص التدريجي في العمر ، لو اخذنا معدل عشرة اجيال فان هذا المعدل ينقص منذ الخليقة وحتى الآن عن سابقه.
في النهاية أذكر أن كل شيء في عالمنا منوط بتاريخ اباءنا اجدادنا وحضاراتهم العريقة ،إلا أن مصيرهم كان الهاوية ، لانهم لم يتعظوا من التاريخ . إن التاريخ عبرة يجب ان نستفد منها، والا سيصبح مصير امم اليوم كمصير امم امس.
سطور في حياة “نوح” عليه السلام:
- ميلاده في سنة 707 للخليقة (سنة قدسية).
- هو العاشر من سلالة الأزكياء والصديقين.
- أول عهد قطعه الله مع أبناء البشرية كان مع نوح.
- بنى اول فلك في التاريخ (سفينة نوح).
- كان اول مروض في التاريخ للحيوانات الأليفة منها والمفترسة.
- كان تحديد الوان البشر ابيض وأسود وقمحاوي، بابنائه سام وحام ويافت.
- قطع الله عهده مع البشرية بظهور قوس قزح بعدم حدوث طوفان.
- غصن الزيتون الذي حملته الحمامة، اتخذتها البشرية علامة السلام.
- احتل مكانة الصلاح والعدل في جميع اجياله.
- انقد البشرية من الدمار والفناء.
- عاش 950 عاما، كأكبر معمر في البشرية.
- واخيراً وليس آخراً، جمطرة اسم نوح = 58 = 48 +10 حيث : 48 جمطرة “كوكب” لظهور كوكب عند ميلاده ، ( رافق ميلاده ظهور كوكب في السماء) ، أما 10 مكانه في تسلسل الأزكياء والصديقين فهو العاشر من الأزكياء والصديقين الطاهرة: آدم – شت – انوش – قينن – مهلليل – يارد – خنوخ – متوشالح – ليمك – نوح.