تسلسل الخليقة 5

لكل شيء في هذا الزمن له ثمن، هكذا أعلمنا الله سبحانه وتعالى منذ الخليقة وحتى الآن، لقد طرد الله سبحانه وتعالى آدم عليه السلام بعد أن أكل من شجرة معرفة الخير والشر، وجعل من قايين تائهاً وهارباً في الأرض بعد أن قتل أخيه هابيل، وكما قضى رب العالمين على البشرية جمعاء، باستثناء نوح وأولاده ونسائهم وإمرأته، بطوفانه الذي غمر به الأرض جميعها، لقتل جميع سكان الأرض بسبب كفرهم وزندقتهم.

كان أول من روى قصة الطوفان الشريعة المقدسة ” التوراة ” ، ومنها تناقلت الأجيال هذا الحدث كل بإسلوبه التاريخي، وهناك اساطير عن الطوفان شبيهة بطوفان نوح، موجودة عند تراث بعض من الأمم، واقدمها اسطورة الطوفان عند البابليين، وكذلك عند اليونان والرومان.

وحدث لما بدأ الناس جميعهم يفسدون في الارض ،وبالمقابل كان هناك إنسان الخير، انسان الورع والتقوى ، سائراً مع مولاه، و أقام الله عهده معه، إنه العاشر من آدم، الذي ولد في سنة 707 للخليقة (3725 ق.م.) إنه نوح عليه السلام.حيث ذكرت الشريعة :

” أَمْحُو عَنْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ اَلْإِنْسَانَ اَلَّذِي خَلَقْتُهُ ، اَلْإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ اَلسَّمَاءِ ، لِأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ . وَأَمَّا نُوحْ فَوَجَدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَي اَللَّهِ  ” (تكوين 6: 8-7) .

 وعندما بلغ نوح خمسمائة سنه من عمره، طلب المولى منه بأن يصنع لنفسه سفينة من خشب الجفر بمواصفات ذكرت بالتفصيل في التوراة  واستغرق نوح في بناء سفينته هذه مئة عام .كما ذكرت الشريعة:

” اِصْنَعْ لِنَفْسِكَ فُلْكًا مِنْ خَشَبِ جَفْرٍ . تَجْعَلُ اَلْفُلْكَ مَسَاكِن ، وَتَطْلِيهِ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ بِالْقَارِ . وَهَكَذَا تَصْنَعهُ : ثَلَاثَ مِئَةِ ذِرَاعٍ يَكُونُ طُولُ اَلْفُلْكِ ، وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا عَرْضُهُ ، وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا اِرْتِفَاعُهُ . وَتَصْنَعُ كَوَّاً لِلفُلْكِ ، وَتُكَمِّلُهُ إِلَى حَدِّ ذِرَاعٍ مِنْ فَوْقٍ . وَتَضَعُ بَابَ اَلْفُلْكِ فِي جَانِبِهِ . مَسَاكِنَ سُفْلِيَّةً وَمُتَوَسِّطَةً وَعُلْوِيَّةً تَجْعَلُهُ .”(تكوين 6: 16-14)

ولاستمرارية الحياة ، طلب المولى من نوح أن يدخل معه الى الفلك امرأته وأولاده ونساء بنيه، ومن جميع البهائم الطاهرة. ومن البهائم  غير الطاهرة ومن الطيور لإبقاء نسلهم في الأرض. ففعل نوح حسب ما أمره به الله في شريعته المقدسة:

“اُدْخُلْ أَنْتَ وَجَمِيعُ بَيْتِكَ إِلَى اَلْفُلْكِ ، لِأَنِّي إِيَّاكَ رَأَيْتُ بَارَاً بِحَضْرَتِي فِي هَذَا اَلْجِيلِ. مِنْ جَمِيعِ اَلْبَهَائِمِ اَلطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَرًا وَأُنْثَى . وَمِنَ اَلْبَهَائِمِ اَلَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ اِثْنَينِ اثْنَينِ: ذَكَرًا وَأُنْثَى . وَمِنْ طُيُورِ اَلسَّمَاءِ أَيْضًا سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَرًا وَأُنْثَى . لِاسْتِبْقَاءِ نَسْلٍ عَلَى وَجْهِ كُلِّ اَلْأَرْضِ. لِأَنِّي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا أُمْطِرُ عَلَى اَلْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً . وَأَمْحُو عَنْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ كُلَّ قَائِمٍ عَمِلْتُهُ . فَفَعَلَ نُوحٌ حَسَبَ كُلِّ مَا أوصاه بِه اَللَّهُ “. 

 ( تكوين 7: 5-1)

ولما بلغ نوح ستمائة سنة من عمره بدأ الطوفان، وكان هذا سنة 1307 للخليقة (3125 ق.م.) وحتى يستطيع نوح جمع الحيوانات والبهائم والدبابات والطيور، حدث بعد السبعة أيام أن مياه الطوفان صارت على الأرض، في ذلك اليوم عينه دخل نوح وامرأته، وأبنائه سام وحام ويافت وثلاث نساء بنيه معهم الى الفلك، هم وكل الوحوش والبهائم والدبابات وكل الطيور كأجناسها الى الفلك، خوفا من مياه الطوفان، كما وضحت الشريعة في آياتها:

” وَحَدَثَ بَعدَ اَلسَّبْعَةِ اَلْأَيَّامِ أَنَّ مِيَاهَ اَلطُّوفَانِ صَارَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ. فِي سَنَةِ سِتِّ مِئَةٍ مِنْ حَيَاةِ نُوحٍ، فِي اَلشَّهْرِ اَلثَّانِي ، فِي اَلْيَوْمِ اَلسَّابِعَ عَشَرَ مِنَ اَلشَّهْرِ . فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ  اِنْفَجَرَتْ كُلُّ يَنَابِيعِ اَلْغَمْرِ اَلْعَظِيمِ ، وَانْفَتَحَتْ طَاقَاتُ اَلسَّمَاءِ .   وَكَانَ اَلْمَطَرُ عَلَى اَلْأَرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً . فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ عَيْنِهِ دَخَلَ نُوحٌ ، وِسَامٌ وَحَامٌ و َييفِت بَنُو نُوحٍ، وَاِمْرَأَةُ نُوحٍ ، وَثَلَاثُ نِسَاءِ بَنِيهِ مَعَهُمْ إِلَى اَلْفُلْكِ . هُمْ وَكُلُّ اَلْوُحُوشِ كَأَجْنَاسِهَا ، وَكُلُّ اَلْبَهَائِمِ كَأَجْنَاسِهَا ، وَكُلُّ اَلدَّبَّابَاتِ اَلَّتِي تَدِبُّ عَلَى اَلْأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا ، وَكُلُّ اَلطُّيُورِ كَأَجْنَاسِهَا : كُلُّ عُصْفُورٍ ، كُلٌّ ذِي جَنَاحٍ. وَدَخَلَتْ إِلَى نُوحٍ إِلَى اَلْفُلْكِ ، اِثْنَيْنِ اِثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ جَسَدٍ فِيهِ رُوحُ حَيَاةٍ. وَالدَّاخِلَاتُ دَخَلَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ، مِنْ كُلٍّ ذِي جَسَدٍ ، كَمَا أَوصاه اَللَّهُ . وَأَغْلَقَ اَلله عَلَيْهِ.” ( تكوين 7: 16-10)

صار الطوفان في الأول من الشهر الأول في السنة ستمائة من حياة نوح. حيث بدأ بسبعة أيام ومن ثم انفجرت كل ينابيع الأرض أربعين يوماً، فيكون مجموع هذه الأيام 47 يوماً، لأجل هذا جاء في الشريعة المقدسة في السابع عشر من الشهر الثاني من حياة نوح.

وبعد أن كثرت المياه في الارض، وارتفع منسوبها لتغطي جميع الجبال الشامخة ، مات كل جسد يدب على الأرض من الطيور والبهائم والوحوش وجميع الزواحف و الناس. بالإضافة الى الديناصورات الضخمة التي اختفت منذ ذلك الحين وذلك بسبب الطوفان، لأن نوح لم يدخلها الى داخل سفينته لسببين: ضخامة حجمها، وخطرها على البشرية. وبقي نوح والذين معه في الفلك ، وتعاظمت المياه على الأرض مئة وخمسين يوماً .كما كتب في الشريعة المقدسة :

” وَتَعَاظَمَتْ اَلْمِيَاهُ كَثِيرًا جِدًّا عَلَى اَلْأَرْضِ ، فَتَغَطَّتْ جَمِيعُ اَلْجِبَالِ اَلشَّامِخَةِ اَلَّتِي تَحْتَ كُلِّ اَلسَّمَاءِ . خَمْسَ عَشْرَةَ ذِرَاعًا فِي اَلِارْتِفَاعِ تَعَاظَمَتِ اَلْمِيَاهُ ، فَتَغَطَّت ِ اَلْجِبَال.  فَمَاتَ كُلُّ ذِي جَسَدٍ كَانَ يَدِبُّ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنْ اَلطُّيُورِ وَالْبَهَائِمِ وَالْوُحُوشِ ، وَكُلُّ اَلزَّحَّافَاتِ اَلَّتِي كَانَتْ تَزْحَفُ عَلَى اَلْأَرْضِ ، وَجَمِيعُ اَلنَّاسِ. كُلُّ مَا فِي أَنْفِهِ نَسْمَةُ رُوحِ حَيَاةٍ مِنْ كُلِّ مَا فِي اَلْيَابِسَةِ مَاتَ فَمَحَا اَللَّهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ : اَلنَّاسَ ، وَالْبَهَائِمَ ، وَالدَّبَّابَاتِ ، وَطُيُورَ اَلسَّمَاءِ . فَانْمَحَتْ مِنَ اَلْأَرْضِ . وَتَبَقَّى نُوحُ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ فِي اَلْفُلكِ فَقَطْ. وَتَعَاظَمَتْ اَلْمِيَاهُ عَلَى اَلْأَرْضِ مِئَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا .” ( تكوين 7: 24-19 )

ثم أرسل الله رياحا على الارض لتسد الينابيع وتوقف أمطار السماء، فأخذت مياه الطوفان تنخفض تدريجياً ،فاستقرت الفلك في السابع عشر من الشهر السابع على جبال آرراط. حيث ذكرت الشريعة:

” ثُمَّ ذَكَرَ اَللَّهُ نُوحًا وَكُلَّ اَلْوُحُوشِ وَكُلَّ اَلْبَهَائِمِ اَلَّتِي مَعَهُ فِي اَلْفُلْكِ . وَأَجَازَ اَللَّهُ رِيحًا عَلَى اَلْأَرْضِ فَهَدَأَتِ اَلْمِيَاهُ وَانْسَدَّتْ يَنَابِيعُ اَلْغَمْرِ وَطَاقَاتُ اَلسَّمَاءِ ، فَامْتَنَعَ اَلْمَطَرُ مِن اَلسَّمَاءِ . وَرَجَعَتِ اَلْمِيَاهُ عَنْ اَلْأَرْضِ رُجُوعًا مُتَوَالِيًا . وَبَعْدَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا نَقَصَتِ اَلْمِيَاهُ، وَاسْتَقَرَّ اَلْفُلكُ فِي اَلشَّهْرِ اَلسَّابِعِ ، فِي اَلْيَوْمِ اَلسَّابِع عَشَرَ مِنْ اَلشَّهْرِ ، عَلَى جِبَالِ آرَارَطَ . وَكَانَتْ اَلْمِيَاهُ تَنْقُصُ نَقْصًا مُتَوَالِيًا إِلَى اَلشَّهْرِ اَلْعَاشِرِ . وَفِي اَلْعَاشِرِ فِي أَوَّلِ اَلشَّهْرِ ، ظَهَرَتْ رُؤُوسُ اَلْجِبَالِ “( تكوين 8: 5-1)

و بعد أربعين يوماً، فتح  نوح نافذة السفينة ،وأطلق منها غرابا ، فخرج مترددا فعلم نوح أن المياه لم تجف بعد. (من أجل هذا يتشائم الآخرين بالغراب حيث جاء المثل “غراب البين” )

“وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَنَّ نُوحًا فَتْحَ طَاقَةَ اَلْفُلكِ اَلَّتِي كَانَ قَدْ عَمِلهَا . وَأَرْسَلَ اَلْغُرَابَ ، فَخَرَجَ مُتَرَدِّدًا حَتَّى نَشِفَتْ اَلْمِيَاهُ عَن اَلْأَرْضِ.”

 ( تكوين 8: 8-6)

واخذت المياه تنقص تدريجيا، فارسل نوح حمامة من الفلك أول مره ورجعت لانها لم تجد موضعاً لقدمها أي المياه ما زالت تغطي الارض،وبعد سبعة أيام اطلقها ثانية ، فأتت اليه الحمامة عند المساء، واذا ورقة زيتون خضراء في فمها، فعلم نوح ان المياه نقصت في الأرض، وأن الفرج قد لاح في الأفق، من هنا ظهرت حمامة السلام، كرمز للأمن والطمانينة والسلام للبشرية ،ثم عاد واطلقها المرة الثالثة بعد سبعة أيام أخر فلم ترجع اليه ، فعرف أنها قد وجدت مكاناً تحط فيه .

“ثُمَّ أَرْسَلَ اَلْحَمَامَةَ مِنْ عِنْدِهِ لِيَرَى هَلْ قَلَّت اَلْمِيَاهُ عَنْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ، فَلَمْ تَجِد اَلْحَمَامَةُ مَقَرًّا لِرِجْلِهَا ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ إِلَى اَلفُلكِ لِأَنَّ مِيَاهًا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ كُلِّ اَلْأَرْضِ . فَمَدَّ يَدهُ وَأَخَذَهَا وَأَدْخَلَهَا عِنْدَهُ إِلَى اَلْفُلكِ. فَلِبَثَ أَيْضًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَادَ فَأَرْسَلَ اَلْحَمَامَةَ مِنْ اَلْفُلكِ، فَأَتَتْ إِلَيْهِ اَلْحَمَامَةُ عِنْدَ اَلْمَسَاءِ ، وَإِذَا وَرَقَةُ زَيْتُونٍ خَضْرَاءُ فِي فَمِهَا . فَعَلِمَ نُوحٌ أَنَّ اَلْمِيَاهَ قَدْ قَلَّتْ عَنْ اَلْأَرْضِ . فَلَبِثَ أَيْضًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخَرَ وَأَرْسَلَ اَلْحَمَامَةَ فَلَمْ تَعُدْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ أَيْضًا. وَكَانَ فِي اَلسَّنَةِ اَلْوَاحِدَةِ وَالسِّتِّ مِئَةٍ ، فِي اَلشَّهْرِ اَلْأَوَّلِ فِي أَوَّلِ اَلشَّهْرِ ، أَنَّ اَلْمِيَاهَ نَشِفَتْ عَنْ اَلْأَرْضِ . فَكَشَفَ نُوحٌ اَلْغِطَاءَ عَنْ اَلْفُلْكِ وَنَظَرَ ، فَإِذَا وَجْهُ اَلْأَرْضِ قَدْ نَشِفَ. وَفِي اَلشَّهْرِ اَلثَّانِي ، فِي اَلْيَوْمِ اَلسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ اَلشَّهْرِ ، جَفَّتِ اَلْأَرْضُ.” ( تكوين 8: 14-9)

وكان في الشهر الأول من السنة الواحدة والست مئة، أن المياه نشفت عن الأرض فكشف نوح الغطاء فإذا وجه الأرض قد نشف، فجاء كلام الله الى نوح:

” اُخْرُج مِنَ اَلْفُلْكِ أَنْتَ وَاِمْرَأَتُكَ وَبُنُوكَ وَنِسَاءُ بَنِيكَ مَعَكَ. وَكُلَّ اَلْحَيَوَانَاتِ اَلَّتِي مَعَكَ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ : اَلطُّيُورِ ، وَالْبَهَائِمِ ، وَكُلَّ اَلدَّبَّابَاتِ اَلَّتِي تَدِبُّ عَلَى اَلْأَرْضِ ، أَخْرِجْهَا مَعَكَ . وَلْتَتَوَالَد فِي اَلْأَرْضِ وَتُثْمِرْ وَتَكْثُرْ عَلَى اَلْأَرْضِ”( تكوين 8: 17-16)

أما في الشهر الثاني، في السابع والعشرين من الشهر حيث جفت الأرض  ، بنى نوح مذبحاً لله واخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة واصعد محرقات على المذبح، فتنسم الله رائحة الرضا.وبارك الله نوحاً وبنيه قائلاً لهم: اثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، وها أنا مقيم ميثاقي معكم ، ومع نسلكم من بعدكم ، فلا ينقرض كل ذي جسد ايضاً بمياه الطوفان، ولا يكون هناك طوفاناً آخر على الأرض.

لم تذكر الشريعة المقدسة مثل هذه السنوات بإسهاب هباءً منثوراً، بل جاءت مثل هذه السنوات لتعبر عن الكثير من مجريات الطوفان، من حيث أسبابه ونتائجه وعهوده ومدته وزمانه. ان المدة التي استغرقها الطوفان كانت سنة عبرية وسبعة وخمسون يوماً، من تاريخ 1-1-600 وحتى  27-2-601 من حياة نوح عليه السلام.

كيف ترجمت من خلال الايات التوراتية :

لقد كان ابتداء الطوفان من 1 – 1 – 600 وليس من 17-1 لأنه هناك سبعة ايام نزول المطر حتى تجمع الحيوانات من أجل الدخول الى السفينة، وأربعين يوما أخر حتى اغلقت السفينة ابوابها 17/1 وهذا يعني 30 يوم الشهر الأول، وسبعة وعشرين يوماً في الشهر الثاتي ومجموعهما 47 يوم .

وعشرين يوماً تساوي هذه المدة أربعين يوماً ، بما أن هطول الأمطار صار أثناء الطوفان أولاً سبعة ايام عند البدء، ثم انفجرت كل وتعاظمت المياه على الأرض مائة وخمسين يوماً ، إن مجموع بدء المطر وتفجر الينابيع وتعاظم المياه 7 + 40+ 150 = 197 يوما. وهذه المدة الواقعة ما بين 1-1-600 حتى 17-7-600 تماماً . .

وأما ابتداء انحباس الأمطار من 17-7 وحتى الخروج من السفينة في 27-2-601 = 216 يوم وهي كالتالي: (13+29+30+29+ 29+ 30+ 29+ 27=216)، إذا، فإن مجموع هطول الأمطار وانحباسها 197+ 216= 413 يوم .

تماماً كمجموع السنة العبرية 356 + 57 يوم (الشهر الأول + 27 يوم في الشهر الثاني من سنة 601)، فيصبح المجموع 356+57= 413 يوم .

إن كلمة طوفان بالعربية تعني طيف، طاف، يطوف، والطَوَفان أن يغطي الإنسان جميع المكان اثناء الدوران حول الشيء .

أما كلمة الطوفان بالعبرية “مبول” حرف الميم يعني الماء، وكلمة “بول” تعني كاملاً وهذا يعني أن طوفان الماء كان يغطي جميع أنحاء العالم بأسره .

لقد أثبت الطوفان للإنسانية أن الله قادر على كل شيء، وأن لكل شيء ثمن، الشر بالشر والخير بمثله . أنه يمهل ولا يهمل ، إنها الإنسانية التي دفعت ثمنا لغيها وغرورها ، ثمن كفرها وزندقتها، وكان الدمار الشامل .

جاء الطوفان ليثبت أن الله هو الذي يحي ويميت ، وكل شيء في هذا الوجود تحت سيطرته وإرادته ، لقد أنقذ البشرية من أجل ذاك الانسان الوحيد الذي وجد نعمة في أجياله ، من حيث الإيمان والعرفان ، وسار في ركب مولاه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *