عهد الله مع الآباء الثلاثة
أراد الله أن يكرم الآباء الثلاثة لشعب بني اسرائيل “إبراهيم، واسحاق، ويعقوب”، بعد أن أصبحوا قدوة للبشرية بالإيمان والعبادة والطاعة، إذ حلف أن تكون الأرض المقدسة لهم ولنسلهم من بعدهم، وعقد معهم ميثاقاً من أجل هذا الهدف.
لقد وهب الله هؤلاء الأنبياء اسماءً، حيث دعا ابراهيم قائلاً: “اما أنا فهوذا عهدي معك وتكون أباً لجمهور من الأمم، فلا يدعى اسمك بعد أبرم بل يكون اسمك ابراهيم”. (تكوين 17: 4)
ودعا ابراهيم اسم ابنه المولود له الذي ولدته له سارة اسحاق، هنا قالت سارة: “قد صنع اليّ الله ضحكاً، كل من يسمع يضحك لي”. (تكوين 21: 9)
وأما بخصوص يعقوب عليه السلام، فقال له الله: ما اسمك؟ فقال يعقوب، فقال: لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل اسرائيل”. (تكوين 32: 28)
ولو أخذنا كل أول حرف من اسماء هؤلاء الأنبياء الثلاث: אברהם – יץחק – יעקב نشتق كلمة איי والتي تعني الجزر أو القبائل، وهذا ما أكدته الشريعة المقدسة في سفر التكوين الاصحاح 12 الآية 3، حيث جاء قول الله إلى إبراهيم: “وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض” ונברכו בכ כל משפחות האדמה;
جاء ترتيب ابراهيم عليه السلام في تسلسل البشرية العشرون منذ آدم، وهذا العدد دلالة على الأقوال العشرة التي خلق الله فيها الكون في ستة أيام، وكذلك الوصايا العشر التي تمثل الركن الأساسي للتوراة، ويرمز اسم ابراهيم عليه السلام اب للجميع (ابو البشرية).
وأما ابنه اسحاق عليه السلام، فكان ترتيبه الحادي والعشرين في هذا التسلسل، دلالة على جمطرة اسم الله “الأزلي” אהיה = 21.
يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليه السلام يأتي ترتيبه الثاني والعشرين، بعدد الأحرف الهجائية للغة العبرية القديمة، والتي عددها 22 حرفا.
اما كيف تحولت البكورية من عيسو الى شقيقه يعقوب، عندما عاد عيسو من الحقل وقد أعياه الجوع، قال لأخيه التوأم يعقوب: “اطعمني من هذا الأحمر لأني قد اعييت”، فباع بكوريته ليعقوب، بعد أن احتقر عيسو البكورية.
ولما شاخ اسحاق وكلّت عيناه عن النظر، دعا عيسو، ابنه البكر، ليباركه، ولكن رفقة، زوجته، سمعت حديثه مع عيسو، فطلبت من ابنها يعقوب بمكر ان يدخل على أبيه اسحاق ليباركه، بدلاً من عيسو وهكذا كان، وقال عيسو: “لقد تعقبني مرتين! أخذ بكوريتين وهوذا الآن قد أخذ بركتي”.
على إثر هذه الحادثة، هرب يعقوب من وجه عيسو بعد أن صمم على قتله، وذهب الى خاله لابان وتزوج ابنته ليئة وأنجب منها: رأُوبين وشمعون ولاوي ويهودا ويششاكر وزبولون، ومن راحيل شقيقة ليئة: يوسف وبنياميم، ومن بلهاء جارية ليئة: دان ونفتالي، ومن زلفة جارية ليئة جاد وأشر.
هؤلاء هم أبناء يعقوب عليه السلام، المعروفون بـ الأسباط الاثني عشر، والذين شكّلوا نواة الشعب الاسرائيلي.
الحقيقة الدامغة هنا، أن التوراة اعلمتنا كيف بعث الله الكون، وخلق العالم في ستة أيام بكلمته “كن فيكون”، كما وثقت لنا بتسلسل دقيق سلالة البشرية من آدم عليه السلام إلى موسى الرسول عبر 26 جيلاً، واحتوت كذلك على منظومة متكاملة من الأحكام والوصايا والمحللات والمحرمات، إضافة إلى القصص والعبر والحكمة والروحانية، مما يجعلها مرجعاً شاملاً وضرورياً لحياة الانسان.
ورغم كل ما دونته التوراة من حقائق، جاءت الجمتريا (القيمة العددية للكلمات العبرية) بعلمها العددي والرمزي، لتضيف بُعداً آخر على النص التوراتي، وتضع حداً للتأويل والتشكيك، مؤكدة مصداقية هذه الشريعة المقدسة.
فعلى سبيل المثال ناتج جمع جمتريا يعقوب יעקב 182+ جمتريا زوجته راحيل רחל 238 يساوي 430 وهو دلالة على عدد سنوات الغربة منذ أن قدِم ابراهيم الى الأراضي المقدسة وحتى تحررهم من العبودية.
كما أن حاصل طرح جمتريا رأوبين ראובן 259 – جمتريا يعقوب יעקב 182 يساوي 77، وهذا فيه الرقم 7 المقدس والمبارك الا وهم سلالة بني اسرائيل من سبط رأوبين.
وحاصل طرح جمتريا يعقوب יעקב 182 – جمتريا לוי 46 يساوي 110 وهي سنوات التي عاشها يوسف.
وكذلك الأمر حاصل طرح جمتريا يعقوب יעקב 182 – جمتريا יוסף 156 يساوي 26 وهو ترتيب موسى الرسول في تسلسل الازكياء والصديقين.