عيد المظال “العرش السامري”

 عيد المظال ” العرش السامري”

هو ذكرى لخروج شعب بني اسرائيل من مصر وتحررهم من عبودية فروعنها. حيث جاء في الشريعة المقدسة قولها:

“فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ . كُلُّ اَلْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي اَلْمَظَالِّ . لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالَكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنَتُ بَني إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ . أَنَا اَللَّهُ إِلَهُكُمْ . فَأَخْبَرَ مُوسَى بَني إِسْرَائِيلَ بِمَوَاسِمِ اَللَّهِ “. (لاويين 23: 44-42)

حمى الله شعب بني اسرائيل اربعين سنة متتالية اثناء تيههم في شبه جزيرة سيناء ، فعند خروجهم من مصر بعد تحررهم من عبودية فرعونها، توجهوا من رعمسيس الى سكوت، ومن الجدير بالذكر ان هذه الطريق تقع بين بحرين ، البحر الأبيض المتوسط وبحيرة البردويل، حيث المناخ جميلاً للمسيرة .

ومن محطة سكوت (العريش) لم يهدهم الله الى طريق الفلسطينيين، مما أدارهم الله ثانية وأرجعهم الى مصر ليصحبوا معهم رفات يوسف عليه السلام، بعد أن استحلف يوسف شعبه مرات عديدة بأن يأخذوا عظامه معهم، ليدفنوها في مدينة شكيم (نابلس) .

ان هذه المحطة سكوت هي مدينة العريش في سيناء، فعند رجوع بني اسرائيل من هذه المحطة عبر طريق صحراء سيناء، ليقيهم الله من شدة حرارة الجو نهاراً، وبرودة الصحراء ليلاً صنع لهم عمودين، عمود نار وعمود غمام لحمايتهم.

ولإحياء ذكرى عمود الغمام طلب المولى من شعب بني اسرائيل عند وصول الاراضي المقدسة، جمع أربعة اصناف من خيرات هذه الأراضي المقدسة وهي: كفوف النخيل، وورق شجرة الغار، وثمر الحقل كالرمان والحمضيات وما شابه ونبتة ابراهيم عليه السلام( عربي نان)، ليصنعوها في منازلهم عريشة، يفرحون ويأكلون ويشربون وينامون ويصلون في ظل هذا العرش. حيث جاء في الشريعة المقدسة :

“تُعَيِّدُونَ عِيدًا لِلَّهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ . فِي اَلْيَوْمِ اَلْأَوَّلِ عُطْلَةٌ وَفِي اَلْيَوْمِ اَلثَّامِنِ عُطْلَةٌ . وَتَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِكُمْ فِي اَلْيَوْمِ اَلْأَوَّلِ ثَمَرَ أَشْجَارٍ بَهِجَةٍ وَسَعَفَ اَلنَّخْلِ وَأَغْصَانَ أَشْجَارٍ كَثِيفَةٍ وَصَفْصَافَ اَلْوَادِي . وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ اَللَّهِ إِلَهِكُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ . تُعِيِّدُونَهُ عِيدًا لِلَّهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي اَلسَّنَةِ.” (لاويين 23: 41-39)

 وجاء أيضاً في الشريعة المقدسة قولها:

“وَكَلَّمَ اَللَّهُ مُوسَى قَائِلاً : كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً : فِي اَلْيَوْمِ اَلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هَذَا اَلشَّهْرِ اَلسَّابِعِ عِيدَ اَلْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لِلَّهِ . فِي اَلْيَوْمِ اَلْأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ عَمَلاً مَا مِنَ اَلشُّغْلِ لَا تَعْمَلُوا .سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلَّهِ . فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلَّهِ . إِنَّهُ اِعْتِكَافٌ “. (لاويين 23: 36-34) .

العرش هو هبة الله بعد عيد يوم الغفران، فمع بداية يوم الغفران تمتنع كل نفس سامرية عن تناول الطعام والشراب ، مدة 24 ساعة متواصلة من المغرب إلى المغرب التالي ، ويسقط هذا الفرض عن المولود الرضيع فقط ، يوم الغفران هو يوم كفارة، محفلاً مقدساً للعبادة والتضرع والتوسل الى رب العالمين ليغفر الذنوب ويصفي القلوب، ثم ليكرم الله شعب بني اسرائيل بعد التزامهم بهذه الفريضة بالجنة داخل منازلهم خلال أيام العرش السامري. يحتفل السامريون بعيد العرش، الذي يعتبر ثاني أكبر الأعياد السامرية السبع بعد عيد الفسح، في الخامس عشر من الشهر السابع حسب التقويم العبري السامري، وأول ايام العيد يصعد السامريون على قمة جبل جرزيم مشياً على الأقدام، لأداء صلاة الحج، التي تستمر سبع ساعات متتالية من الثانية صباحاً وحتى الساعة التاسعة.

 وما ان ينتهوا من الحج يتوجهون لزيارة الكاهن الأكبر لمعايدته والتبرك منه ومن عرشه، ومن ثم زيارة جميع بيوت الكهنوت ، شيباً وشبابا نساءً وأطفالا، بلباسهم الناصع البياض، والفرح على محياهم والتراتيل الدينية تملأ اجواء المنازل وكذلك الحي السامري بأسره.

كل أيام العيد يقضيها السامريون وكأنهم في جنة النعيم ، والفرح يملأ بيوتهم خلال الزيارات التي يقوم بها افراد الطائفة بعضهم لبعض في كل من جبل جرزيم ومدينة حولون، وكذلك زيارات ومعايدات الجيران والأحباء من اهالي فلسطين مسلمين ومسيحيين. وبعد سبعة أيام العرش ،في اليوم الثامن ، تأتي الفرحة الكبرى فرحة التوراة ، شميني عصيرت ، تعددت الاسماء والفرحة واحدة وكبيرة، فانتهاء الأعياد هو عيد ، والعيد فرح وابتهاج. عيد فرحة التوراة “شميني عصرت” محفل مقدس، اعتكاف عن كل شيء، واختتام اعياد السامريين للسنة العبرية.

 يبدأ اليوم الثامن بالعبادة ، الصلاة ، التهليل ، التكبير والشكر لله على اتمام الفرحة ، فيقام حفل ديني “محفل مقدس” كما ذكرته الشريعة المقدسة في الكنيس ، باجتماع كل ابناء الطائفة السامرية برئاسة الكاهن الأكبر وامام الطائفة ، من الساعة الواحدة من فجر اليوم الثامن وحتى الحادية عشر من صباح هذا اليوم ، فينتهي المحفل المقدس بحملهم التوراة المقدسة للطواف في الحي السامري ، بمشاركة النساء والاطفال وجميع افراد الطائفة ، منشدين سوية أنشودة البحر ” از ياشر موشي” مودعين الاعياد السامرية بفرحة التوراة.

 يمر اليوم الثامن بقدسيته كيوم السبت “راحة وسبوت” ، وعند بدء المغرب المعلن بانتهاء يوم فرحة التوراة، تتجه العائلات السامرية كل الى منزله لانزال العرش ، فيتم جمع ثمار العرش بفرح ، لتوزع على المهنئين بالعيد من الاصدقاء والاحبة لنيل بركة العرش. ومن ثم ويرددون أنشودة ذكرى الخلاص من العبودية الفرعونية “هو ..هو…شعنا ” أثناء حرق سعف النخيل وعروق الغار ونبتة ابراهيم (عربي نان) ، مطلقين للسماء رائحة تعانق الروح ، وتروي قصة الجنة التي سكنت سقف البيت لسبعة ايام متتالية.

وهكذا تنتهي الأعياد السامرية السبع ، باتمام السامريون جميع الوصايا والفرائض التي أنزلها رب العالمين في شريعته المقدسة .

 ولا بد هنا من الاشارة للمثل العربي القائل: “هدوا العرش وافرشوا الفرش” وها هي علامة الجو الماطر على الأبواب، للدلالة على صحة الحسابات الفلكية السامرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *